الكاتب / محمود سعيد كعـوش
صرخــــــة ألــــــم من غـــريب في بلــد عجيب !!
لا لا ..أنا لَسْتُ هناكَ لا... لَسْــتُ هنـــــــاكْ
لَمْ أعُدْ هناكْ كُنْتُ هُناكْ لَكِنَني الآنَ هُنا هنا
في عالمٍ مقيتٍ كئيبٍ حزينْ لا رِقَةَ فيهِ ولا رأفَةَ ولا حنينْ
في عالمٍ غارقٍ في الهمومِ والوجومِ
والسأمْ يخنقه الضجرُ مِلْؤهُ الْمَلَلْ
لا هَدَفٌ فيهِ ولا أملْ ولا مبتدأٌ أو خَبَرْ ...
يضجُّ بالصراخِ والعويلِ والألمْ
يَزْخَرُ بالأنينْ إنيَ الآنَ هنــــــا
في عالمِ السرابْ والغُرْبَةِ والغُرابْ
ألتهمُ التـــــرابَ وألثمُ الحَجَــــــــــرْ
أطيلُ السَهَرْ والعَزْفَ على الوتـــــرْ
وأمْدَحُ الْقَمَرْ وأغفو على وَخْز الأبَرْ ...
والليلُ في غُرْبَتي طويلٌ ثقيــلٌ
يأكلُ النهارْ يَمْلأهُ ظُلْمَةً وظَلامْ
يُفْقِدَهُ الوقارْ يَلْعَنَهُ... وَيَلْعَنَـــهُ
يَلْعَــــــنُ حتى ذَرَةَ التُـــــــرابِ
ويلعنُ الحجرْ والشجرً والبشرْ ...
كنتُ قبلَ الآنَ هناكْ كنتُ هناكَ
في رُبًى بلدتي معْ أهلِ قريتي
وفــــــوقَ ثَـــــرى ضيعتـــــي
حيثُ مَجْدي ومُنْيَتي ومَجْدُ أمجادِ عِزتي ...
كنتُ هناكَ في ميرونتي حيثُ دانتي
ودُرتــــي وبنـــــي جِلْدَتــــــي
وحيثُ هويتي ومَرْقَدُ عَنْزَتي وَوُجْهَةُ قِبْلَتي ...
كنتُ قبلَ الآنَ هناكْ أُعللُ النفسَ بالآمالِ
وألتمسُ الشــــــفاءْ وأنشدُ الهنــــــــاءْ
وأعِفُ عَنْ ذرفِ الدموعِ ونزفِ الألــمْ
وزرعِ النحيبِ والصراخِ والعويـلْ ...
كنتُ قَبْلَ الآنَ هناكْ أُعللُ النفسَ بالرجـــاءْ
وأنشدُ العَلاءْ ودربيَ الطويلِ يُعانقُ الصدى
يُعانِقُ الأصيلْ بشوقِ العليلْ
لا صَوْتَ غَيْرَ شَدْوِ الحبيبِ البعيدِ...القريبِ الجميلْ ...
وها أنا الآنَ هنا لَمْ أعُـــدْ هناكْ
إني هنا اَحْتَضِنُ الوسادةْ وَألزمُ السريرَ بلا سَعَادةْ
في عالــــــمٍ غيـرَ عالمـــــي في بيتــــــيَ الكبيــــرِ
الكبيرْ !! يا ليتهُ صغيرٌ صغيرْ لا خَيار ولا اختيارْ ...
لا بُدَّ أنْ أحْتَضِنَ الوسادةَ وَألزمَ السريرْ
وألتَهِمَ الترابَ وأَلْثُمَ الحجــــــرْ
وفي كِياني يَعْصِفُ الضَّمِيرُ .. في خِضَمِ الضَجَةِ والضجيجْ
حيتُ يهمسُ ويهمسُ ثمَ يَعلو صادحاً .. صَوْتُ المصيـــرِ ...
ها أنا الآنَ هنا يا عالم الكروشْ
يا عالمَ الطغاةِ في دنيا الفحوشْ
ويا صخب النقر على الدفوفِ في وادي الوحوشْ
إنيَ الآنَ هنا... حيث أنا هنا ...
لكني لا لا وألفُ مِلْيونَ لا ولا
لَنْ أَلْتَهمَ الترابَ بَعْدَ اليــومِ لا
ولَنْ أَلْثُمَ الحجرْ في عالمٍ خبيثٍ ، مُريبٍ ، غريبٍ ، عجيبْ
يَسْتَخِفُ بالعاقــــلِ وَيَقْتَــــــصُ مِنَ الأديـــــبِ والنجيــــــبِ
وَيَخْـــــذُلُ الحبيــــــبْ ....
الكاتب / محمود كعـوش